مصر القديمة

ارتبطت صناعة المخبوزات بمائدة طعام المصري القديم؛ إذ كان الخبز سند الحياة، بحسب وصف عالم المصريات الراحل الدكتور عبد الحليم نور الدين، وقد تعددت أشكال وأنواع الخبز في مصر القديمة؛ حيث ورد ذكره في قوائم القرابين التي كانت تزخر به.

ومن بين المخبوزات التي كانت تشبه الكعك الذي يصنع حاليا، هناك أنواع يدخل في صناعتها مواد أخرى غير القمح والشعير، لذا تندرج تحت بند الفطائر.

فإلى جانب الدقيق العادي من القمح والشعير يمكن أن يضاف إليها العسل، أو اللبن، أو الفواكهة، وأغلب المخصصات التي عبرت عن تلك الفطائر تصورها فطائر صغيرة مستديرة توضع إما منفردة أو في أوان، والكميات المقدمة منها غالبا ما تحسب بعدد الأواني التي تقدم فيها.

وفي أيامنا هذه، تُرسم أشكال هندسية على الكعك؛ فيما يُعرف بـ"نقش الكعك". وبحسب الدراسة التي أعدها نور الدين عن الخبز في مصر القديمة، فقد وُجدت أيضا الزخارف على أرغفة الخبز منذ أقدم العصور، وإن كانت قليلة.

وكانت الزخارف بالنسبة للأرغفة المستديرة عبارة عن بعض الدوائر، وتراوحت ما بين خمس وست دوائر صغيرة تظهر على سطح الرغيف.

وفي بعض الأحيان تقل هذه الدوائر حتى تصل إلى دائرة واحدة، كما ظهرت طبعات الأصابع الخمسة على حافة الرغيف المستدير وربما كانت لهذه الزخارف علاقة بطريقة تسوية الخبز ونوعه.

أطباق لا تطيق المائدة الرمضانية المصرية فراقها
 
وعلى الرغم من وجود كتابات أخرى تشير إلى تفاصيل أكثر عن كعك العيد وكيفية صنعه في مصر القديمة، وارتباطه بالأعياد بشكل مباشر، مثل كتاب "لغز الحضارة الفرعونية" للدكتور سيد كريم، فإن الكثير من علماء المصريات –ومن بينهم زاهي حواس- لا يعتمدون على هذا الكتاب كمرجع، على أساس أن كريم مهندس معماري، وليس متخصصا في "المصريات".

كعك "افطن له"

الباحث في التاريخ الإسلامي، حسن حافظ، يرى أن تقليد كعك العيد المعروف في أيامنا هذه، يعود إلى التاريخ الإسلامي بالأساس، مشيرا إلى أن المصريين القدماء صنعوا مخبوزات تشبه الكعك، لكن لا يوجد دليل يؤكد انتقال وتوارث هذه العادة من مصر القديمة بشكلها الحالي.

ويضيف حافظ لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن تاريخ تقليد كعك العيد بدأ فعليا مع عهد أحمد بن طولون، أي منذ عهد الدولة العباسية، وكان يُصنع ويُوزع في المناسبات الدينية؛ خصوصا عيد الفطر.

ومن الوقائع الطريفة التي يحكيها حافظ عن صناعة الكعك في العهد الطولوني، أنه كان يتم حشو كل قطعة من الكعك بدينار من الذهب، كنوع من الدعاية لابن طولون، وكان يُقدم على موائد يُدعى لها حشد من رجال الدولة وعلية القوم.

وفي إحدى الموائد نَبَّه كاتب ابن طولون -القائم بأعمال الوزارة- أحد أصدقائه إلى الكعك قائلا له: "افطن له" باعتبار أن فيه دنانير من الذهب، ومن هنا اُطلق على الكعك تسمية "افطن له".